الثلاثاء، 3 مارس 2015

قواعد المحبة:

قواعد المحبة:
1- من تعلق بالذيل رجى له النيل " أنت مع من أحببت".
2- من دخل فى المعية استحق الرتبة الدنية، فإنه ليس العمل كالنية.
3- رأسمالنا وقتنا، فمن بذل لنا رأسماله بذلنا له رأسمالنا، ومن ﻻ فﻻ.
4- الصدق فى المحبة أدنى المراتب، وﻻ محبة لكاذب.

قواعد الصحبة:

قواعد الصحبة:
1- غلق باب المشيخة وفتح باب المودة.
2- اﻷساس المحافظة على اﻷنفاس.
3- الصدق فى الصدق.
4- الصدق فى الطلب، الصدق فى اﻷدب، الصدق فى الرغب، الصدق فى الرهب.
ما عدنا نقبل صاحب إﻻ على هذه القواعد.
وما عاد فى العمر بقية للخيلة الكذابة ، وﻻ إضاعة اﻷعمار بين اﻷغيار.
هذا شأننا مع اﻷصحاب والعهد الذى بيننا وبينهم.
أما المحبون فلنا معهم شأن آخر وحديث غير هذا الحديث وقاعدة أخرى بخﻻف تلك القاعدة فإن باب المحبة أوسع.

الصادق فاضل ومن فى معيته مفضول

اﻷمر بأن تكون مع الصادقين أمر بأن تكون من الصادقين من باب أولى.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا وكونوا مع الصادقين}.
فالصادق فاضل، ومن فى معيته مفضول.
فاﻷمر بأن تكون مفضوﻻ أمر بأن تكون فاضﻻ من باب أولى.
وصار المؤمن بين مرتبتين ﻻ ثالث لهما: أن يكون من الصادقين أو يكون معهم.
وﻻ تكون الثالث فتهلك.

أمر بمعية الصادقين تخفيفا

وصف الله الصادقين وأخبر عنهم فقال تعالى {أولئك الذين صدقوا}، وقال تعالى {الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين باﻷسحار} وأمر بالصبر فقال {واصبروا} وبالقنوت {اقنتى لربك} واﻹنفاق {وأنفقوا} وباﻻستغفار والتوبة {توبوا}.
لكن لما توجه لعامة المؤمنين فى أمر الصدق خفف عنهم وأمرهم أن يكونوا مع الصادقين ، فقال {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} فقال مع ولم يقل من، والمرء قد يكون مع الطائفة وليس منهم، فتتحقق له المعية بمع، وإن لم تتحقق له البعضية بمن.
فدل على خصوصية مرتبة الصدق وأنها فوق كل ما سواها، فجعلها من مراتب خاصة الخاصة ، واكتفى فى حق عامة المؤمنين أن يطالبهم بمعيتهم.
اللهم ارزقنا الصدق
وارزقنا الصدق فى طلب الصدق
وارزقنا الصدق فى الصدق
وارزقنا البراءة من دعوى الصدق

ﻻ تكونوا فى حل منى إن لم تضعوا أقدامكم على كتفى وترقوا

ليس لنا بصاحب من لم يحمل كل ما عندنا ويبنى عليه ويصير أفضل منا.
وكان حضرة بهاء الدين شاه نقشبند قدس سره يقول:"ﻻ تكونوا فى حل منى إن لم تضعوا أقدامكم على كتفى وترقوا".

وأسفى على ما تعلمناه وتراكم لدينا من خبرات طيلة أربعين عاما فى شتى مناحى الحياة وقد ربانى وعلمنى، ودربنى أساطين عقول ودهاة رجال، وورثة من كان يعلمهم كل شىء كل شىء حتى قضاء الحاجة.

ثم ﻻ نجد حولنا إﻻ الهمبكة والفهلوة والكروتة وانعدام الهمة وانطماس البصيرة والكذب المستمر.
 هو فيه إيه الناس بتكذب على نفسها وعلى ربها وعلى من حولها .
يصير أفضل من يأتيك الكسول الذى ﻻ همة له وﻻ صبر عنده على المعالى وتقول فى نفسك: كسول خير من كذاب.
وما أبرئ نفسى .
رب ﻻ تذرنى فردا وأنت خير الوارثين.
ﻻ حول وﻻ قوة إﻻ بالله العلى العظيم.
اللهم اجعلنا أهل صدق وارزقنا صحبة أهل الصدق واجذبنا إلى أهل الصدق واجذب أهل الصدق إلينا.
اللهم اجعلنا - إن جعلتنا شيوخا - شيوخ صدق ، وارزقنا - إن صدرتنا للخلق - طالب صدق ومريد صدق ومحب صدق.
اللهم نعوذ بك من الكذب ومن الكذابين ومن أن نقول كذبا أو نفعل كذبا أو ندعى كذبا أو نلتبس بحال كذب أو أن نكون كذابا أو نصحب كذابا أو يصحبنا كذابا.
اللهم نسألك الصدق الصراح المحض ﻻ شوب فيه قوﻻ وعمﻻ وحاﻻ.

الأحد، 1 مارس 2015

مكتبة العارف سيدى عبد الوهاب الشعرانى (ت 973 ه): 
لهذا العارف الكبير منزلة خاصة فى قلبى وتأثير عظيم على تكوينى الوجدانى والصوفى.
ويرجع فضل هذه العﻻقة إلى موﻻنا اﻹمام على جمعة رضى الله عنه.
وقد ذكرت قصتى تلك فى مقدمتى لتحقيق كتاب إرشاد الطالبين الذى نشرته مكتبة جوامع الكلم.
فمع فراغى من دراستى الجامعية اﻷولى عام 1409 / 1989 وكان أمامى عدة أشهر على موعد أداء الخدمة العسكرية .
فذهبت لموﻻنا ﻷواصل دروسى معه التى توقفت قليﻻ بسبب اﻻمتحانات وأخبرته عن موعد دخول الجيش فقال لى: اغلق كل الكتب واقرأ للشعرانى فقط وابدأ بالمنن الكبرى.
أمر بدا لى غريبا وقتها سأترك الفقه واﻷصول والمنطق .... والمتون والشروح والحواشى واقرأ للشعرانى ... ومن هو الشعرانى أصﻻ ... كنت أسمع به فحسب وأنه من رجال التصوف الكبار وأنه أكثر من يهاجمه الوهابية . وﻻ أعرف شيئا أزيد من ذلك.
لكنى أطعت اﻷمر بﻻ تردد رغم تعجبى منه ونزلت من فورى اشتريت المنن الكبرى أعظم كتب الشعرانى على اﻹطﻻق.
لقد استطاع سيدى الشعرانى أن يوقعنى فى أسره بسهولة.
 أسر امتد إلى هذه اللحظة فمهما شرقت أو غربت مع أهل الله فى مشاربهم وأذواقهم فأنا العبد الفقير أسير الشعرانى.

وتأجلت الخدمة العسكرية عدة أشهر أخرى فبقيت ﻷزيد من عام أسير الشعرانى وحده... همت معه حيث هام وتعلقت بالتصوف المصرى العملى العميق البسيط الذى يعنى بالحقيقة والسلوك فى عذوبة ويسر دون تفلسف أو تنظير نظرى فلسفى كمدرسة ابن عربى ...
تصوف عملى سهل عذب أخاذ يمتلك عليك القلب والروح والبدن ...
المدرسة المصرية فى التصوف استطاعت أن تطبع بطابعها ذلك العذب السهل كل من آتاها من أكابر اﻷولياء.
 فالسيد البدوى صار يربى بالنظرة من فوق السطح.
وسيدى أبو الحسن الشاذلى كان يربى أصحابه فى تونس بالمجاهدات الشاقة .
فلما نزل مصر وضع مذهبه الصوفى الجديد تماما كما وضع الشافعى مذهبه الجديد لما ورد مصر.
وجعل سيدى الشاذلى قاعدة مذهبه الصوفى الجديد:" الشيخ من دلك على راحتك ﻻ من دلك على تعبك".
ولما نزل حضرة العارف محمد أمين الكردى قدس سره مصر أخذ يعطى الطريق النقشبندى للفرد بعد الفرد على مصطلح النقشبندية فى تخير من يصلح للتلقين والتشديد فى ذلك فﻻ يلقن كل من طلب بل من صلح فحسب فظل عاما بطوله لم يلقن عشرة أفراد.
ولكن ﻷنها مصر وتصوفها ومحبيها فقد أتى اﻹذن لسيدنا الكردى بفتح الباب وأﻻ يرد أحدا طلب الطريق ويلقن كل من أراد.
للتصوف فى مصر إذن طابعه وسماته وتاريخه وشيوخه وأعﻻمه.
وقد نقل لنا العارف الشعرانى كل ذلك نقﻻ أمينا ودقيقا وواعيا.
بدأ الشعرانى كمؤلف أوﻻ من عباءة الشيخ اﻷكبر ابن عربى ، كما نراه فى كتاباته اﻷولى عن الخلوة والمقامات وإرشاد الطالبين واليواقيت والجواهر والكبريت اﻷحمر ... وهى مدرسة مختلفة فى ذوقها ومشربها عن المدرسة المصرية.
لكن سرعان ما تخلص الشعرانى من تلك العباءة اﻷكبرية واستطاع أن يمسك باتجاه لم يحسنه سواه وهو هضم وتمثل المدرسة الصوفية المصرية فى القرن الثامن والتاسع والعاشر ونقل صورة أمينة لها.
وحسنا فعل الشعرانى بالتخلص من العباءة اﻷكبرية والتواصل مع المدرسة الصوفية المصرية التى كانت فى أوج نضجها فى هذه الفترة ليقدم لنا الشعرانى فكرها الصوفى وتاريخها المشرق .
اقرأ ذلك فى عهوده المحمدية وفى عهود المشايخ أو البحر المورود فى المواثيق والعهود أو فى اﻷخﻻق المتبولية أو فى قواعد التصوف أو تنبيه المغترين .
وأخيرا فى تجربته الصوفية الخاصة به والتى قيدها لنا فى كتابه اﻷهم "لطائف المنن واﻷخﻻق".
أنشر لﻷحباب مجموعة ممتازة من مؤلفات سيدى الشعرانى من أرشيفى اﻷلكترونى اجتمعت لدى عبر سنوات من المتابعة على الفضاء الألكترونى هنا وهناك.
وقد علم مما سبق ما ينبغى أن يبدأ به فى القراءة من أحب أن يدخل إلى عالم الشعرانى.